المغربلين بقلم شيماء سعيد
العائلة و الغل الواضح بتعبيرات صفية ترى أمام عينيها حقيقة غير قادرة على تصديقها عثمان فر هاربا بليلة ظلت تحلم بها معه منذ نعومة أظافرها
كل ركن بالمكان يذكرها بشيء يجمعها به هنا تعلمت على يده القراءة و هنا تذوق أول وجبة منها و كانت بشعة إلا أنه رآها أجمل ما دلف إلى فمه سارت مع نساء العائلة و مرت من أمام غرفته قبل أن تدلف
بقيت بمفردها بغرفة تكاد تختنق بها و باب مغلق عليها ظلت بثوب زفافها ملقية بجسدها على الفراش ربما تكون مازالت تتنفس إلا أنها فارقت الحياة مع آخر جملة سمعتها منه آسف بس الموجة عالية جوي المرة دي
أغلقت عينيها بمحاولة أخيرة منها للهروب أو يظهر أن كل ما حدث مجرد كابوس مرعب لن تقصه على أحد حتى لا يتحقق
بعد عشر دقائق أردف بصوت هادي
فرحة أنا عارف إنك صاحية لازم نتكلم
ارتجفت أصولها هم بالصعيد و هذه من المفترض ليلة زفافهم أخذها عقلها إلى مكان بعيد لتصرخ بكل قوتها و هي تنكمش بآخر زاوية بالفراش
جلس على الطرف الآخر من الفراش بنفس هدوئه حياته الفنية علمته التمثيل بشكل جيد حتى بأصعب الأوقات إبتسم بوجهها قائلا
مټخافيش يا فرحة إنتي أختي مش بس بنت عمي اللي حصل تحت إنقاذ موقف مش مطلوب منك تعملي أي حاجة ربنا العالم إنتي عندي إيه زيك زي هادية أختي بالظبط نامي على السرير و أنا على الأرض بكرا لازم تنزلي معايا القاهرة عندي تصوير الواحد مش قادر يتكلم خالص النهاردة
طيب و الناس اللي تحت دي هتعمل فيهم إيه يا ولد عمي!
تعالي و مټخافيش يا فرحة
عثمان مستحيل يتخلى عني يا فارس صح!
تأكد من نومها ليريح جسدها على الفراش و هو يبتسم على نفسه بسخرية من بقائها بثوب الزفاف أخرج من خزانة الملابس الخاص و ذهب به إلى الشرفة أنتهى من كل شيء و أخذ وسادة مع شرشف خفيف دثر جسده به قائلا بسخرية
شيماء سعيد
تقف خلف باب غرفتها تسمع أحاديثهم بالخارج ضحكته المعبرة عن سعادته مثل السم القاټل لها رفعت هاتفها لترى رسالته الأخيرة بالصباح الليلة هنكون لبعض قصاد الكل يا حب عمري كله
كڈبة صغيرة بلحظة طيش لتنتهي بأخذ قطعة من روحها و هي فقط عليها المشاهدة
سقطت دموعها و ارتجف فكها بداخلها صړخة مكتومة لا تقدر على إخراج جزء بسيط منها دقاتها تتألم و أنفاسها تأخذها بصعوبة على عدة مراحل
بالخارج
يجلس عابد يتأمل ملامحها التي وقع بغرامها من اللحظة الأولى فريدة حبيبته من ثلاث أعوام و كلما أقترح عليها الزواج أجلت الأمر يعلم أنه أخذ تلك الخطوة دون العودة إليها إلا أنه سعيد سعيد جدا
ترك الحاج منصور و جليلة بعض المساحة لهما ليبقى معها بمفرده إقترب من مقعدها قائلا بشوق
أخيرا الحلم اتحقق يا فريدة
لم تجيبه استكفت فقط بإعطاء إبتسامة مجاملة إليه تعجب من صمتها و تعجب أكثر من عدم وجود خاتمه الخاص بكفها سألها بقلق بالغ
مالك يا فريدة انتي مش مبسوطة إننا هنكون سوا!
ابتلعت لعابها بتوتر لا تريد أن تجرحه بأي كلمة فعابد رجل فريد من نوعه رفعت رأسها لترى نظرات جليلة المحذرة فهي حمقاء بالحديث و قليلة الذوق بكثير من الأوقات فركت بأصابعها قائلة بنبرة هادئة
أنا كويسة يا عابد و مبسوطة
مد يده يضم كفها إليه قائلا بحماس
طيب يا حبيبتي يبقى نقرأ الفاتحة إيه رأيك
ردت عليه بسرعة البرق قائلة
لا لالا يعني أنا حابة أبيه فاروق يكون موجود في يوم زي ده
أومأ لها رغم معرفته لعدم حبها لفاروق و شعورها الدائم بالنقص و عدم الأمان بسببه مرت الجلسة على خير و بطريقه إلى الخارج لمح طيفها تقف خلف باب غرفتها ثبت مكانه لعدة ثواني مع رؤية دموعها المتساقطة مثل قطرات الندى على أوراق الشجر
بالداخل كان مع حبيبته و لم يشعر بما يتحرك بداخله الآن قلبه يدق مع نغزة قوية لا يعلم مصدرها بدون إرادة منه رفع يده كعلامة على التحية إلا أنها أغلقت باب الغرفة سريعا لأول مرة ينطق حروف إسمها بنبرته الرجولية و صوته الهامس قبل أن يخرج خلف أبيه
فتون
بالداخل ركضت لفراشها و ألقت بجسدها عليها تضع الوسادة على رأسها لتخفي معالم وجهها الباكية مع صوت جليلة و فريدة
بالخارج الذي بدأ يرتفع
جليلة پغضب
يعني إيه مش أخدة عابد يا فريدة ماله عابد إبن الحاج منصور الحي كله بيحلف بأخلاقه
رفعت فريدة رأسها لجليلة قائلة بهدوء
عادي يا جليلة أنا مش حابة أكون زوجة له فين المشكلة في كدة هو إنسان محترم و كل حاجة لكن أنا مش شايفة فيه فارس أحلامي من و إحنا عيال صغيرة يعتبر عابد أخويا مش أكتر من كده أنا سكت في القعدة عشان الموقف محرج غير كدة لا
اعتدلت جليلة بوقفتها مردفة بنبرة صارمة
طالما في حد في حياتك غيره يبقى عابد أولى بيكي يا بنت المسيري لكن لو فيه يبقى أعرف من دلوقتي
فقدت فريدة السيطرة على أعصابها بشكل كبير جليلة دائما تفرض الأوامر دون إعطاء أحد فرصة للرفض لذلك وقفت أمامها قائلة
مفيش غيره و مش هكون له يا جليلة مهما حصل
قطع حديثها وقوع جسد على الأرض بغرفة فتون مع صړخة قوية من شقيقتها
شيماء سعيد
بإحدى العيادات الخاصة بالقاهرة
جلس فاروق أمام طبيبه الخاص بصمت شديد مل من أزمة لا يعلم لها سبب أو نهاية و الملل الأكبر من هذا الطبيب الأحمق الذي لم يستفد منه بمعلومة واحدة طوال الأشهر الماضية
تابع الطبيب صمته بإبتسامة مستفزة ففاروق المسيري المړيض الذي لا يعاني من أي مرض ما يريده أمام عينيه و هو فقط يبحث عنه هنا و هناك بتشتت
يضع ساق على الآخر و يريح جسده على المقعد
بهدوء يرفض رفضا شديدا النوم على هذه الاريكة ليتحدث عما بداخله قطع الصمت سؤال الطبيب
حمد لله على السلامة يا فاروق بيه العيادة نورت
رمقه الآخر بنظرة ڼارية لا يعلم من أين يأتي بهذا القدر من البرود ابتلع الطبيب ريقه بصمت يعلم ڠضب فاروق المسيري جيدا ليعود بسؤال آخر