أبناء يعقوب بقلم ولاء رفعت
وعمالة تقول هاتولي
مريم
أنا مريم
فأشارت إليها الممرضة
طيب تعالي معايا عشان هي عايزاكي
وقبل أن تذهب أمسكت أمنية يدها وقالت لها
أنا عارفة إنها زعلتك كتير بس بالله عليكي سامحيها هي قلبها أبيض وبتحبك
أومأت إليها وأجابت
اطمني يا أمنية أنا مسامحها من غير حاجة لأنها في مقام ماما الله يرحمها وربتني زي ما ربتك
وعند هويدا الممددة على المضجع المعدني الخاص بالمرضى دخلت مريم فرأتها هويدا ورفعت يدها بصعوبة وهي تقول بصوت يكافح الخروج من بين شفتيها حيث هزمها المړض المفاجئ شړ هزيمة
تعالي يا مريم تعالي يا حبيبتي
ذهبت إليها وجلست على مقعد مجاور لها أمسكت بيدها بين كفيها وابتسمت لها قائلة
ياه لسه فاكراها لما كنتي صغيرة وبتقوليها ليا
هزت رأسها بالإيجاب وأخبرتها بامتنان
أنا عمري ما أنسى الحلو اللي قدمتيه ليا مهما كان مقابله مواقف سيئة خلاص تقريبا نسيتها
بس أنا ما نستهاش أنا فعلا جيت عليكي كتير والمفروض كنت أخدت حقك من ابني لما كان بيتعدى حدوده معاكي كنت خليت خالك يكملك تعليمك من غير ما تروحي تشتغلي وتتبهدلي كنت وقفت لجاسر وماخلتهوش يتجوزك أنا مكسوفة أطلب منك تسامحيني دا أنا مش مسامحة نفسي على كل اللي عملته معاكي
أنا قولتها لأمنية وبكررها لحضرتك أنا مسامحاكي من غير أي حاجة
ألف سلامة عليكي
كم من قلوب نقية قذفت بالوحل فجاء الغيث عليها بغزارة لتعود إلى نقائها مرة أخرى
و بعد ثلاثة أيام صرح الطبيب بخروج السيدة هويدا من المستشفى والمتابعة من حين إلى آخر و تذهب لأخذ جلسات العلاج الكيميائي
إيه القرف اللي هو عامله ده
ذهبت إلى غرفة النوم وجدته يتمدد على بطنه فوق المضجع على الكمود جواره صينية عليها بقايا طعام من الوجبات الجاهزة تركت متعلقاتها وحقيبة يدها جانبا وأخذت ترتب هذه الفوضى حتى انتهت داهمها الشعور بالتعب ارتمت فوق الأريكة فانتفضت عندما رأته يقف أمامها يسألها بلهجة حادة
أثارت كلماته ڠضبها حيث لم تتقبل وعيده على صديقتها فصاحت في وجهه
حرام عليك ما تسيبها في حالها هي مش عايزاك ولا بتقبلك ماسك فيها ليه
قبض على عضدها بأنامله التي انغرست بقوة في ذراعها فأطلقت صړخة پألم
هزت رأسها بالإيجاب فنفض ذراعها واتجه نحو المرحاض ملقيا عليها أمره
حضري ليا حاجة أكلها عشان خارج
استدار إليها وأخبرها لإغاظتها
رايح أسهر مع بنات عندك اعتراض
نظرت إليه بامتعاض واكتفت بالصمت وذهبت إلى المطبخ لتعد له الطعام
وفي ساعة متأخرة من الليل يجلس داخل الملهي الليلي يحتسي الخمر بشراهة كلما يتذكر رفض مريم له شعر كم هو أحمق لم يريد امتلاك أحد يمقته إلي هذا الحد تذكر السبب الرئيسي والذي جعله يفعل هذا ألا وهو شقيقه يشعر اتجاهه دائما بالحقد والضغينة
إلحق بص كدا مش ده جاسر الراوي اللي اتجوز مريم اللي كانت بتشتغل في محل أبوه
قالها أحد الشباب الجالسين بجواره فأجاب صاحبه
أيوه البت القمر عارفها دا كمان تجوز بنت خالها اللي اسمه عرفة
عقب الأخر پحقد وسخرية
دا يا بخته وخسارة فيه
أخبره الأول وتعمد رفع صوته ليصل إلى سمع جاسر الذي يسترق السمع إلى حديثهما عنه
دا أنا عرفت من
البت نهى إنه اتجوز اتنين عشان يعمل لنفسه قيمة على إنه راجل جامد ومفيش زيه وهو أصلا عيل أهبل وشكل مرتاته لتنين بيدولوا على قفاه
نزل من فوق المقعد المرتفع بجوار البار وقف أمامهما ويحثه الشيطان عن أن يقطع ألسنتهما
جرى إيه يا حلو منك له عمال تلقحوا علي بالكلام وأنا ساكت لكم أنا أهبل يا ولاد ال
أمسكه إحداهما من تلابيب قميصه
طيب ليه الغلط بقىروح يلا من هنا مراتك بتنده عليك
وربت على خده بحدة فباغته جاسر بلكمة وهو يصيح في وجهه
ملكش دعوة بأهل بيتي يا
صړخت الفتيات وابتعدن وتوقف الشباب يشاهدون ما يحدث فعل جاسر المثل قائلا
لو راجل قرب ووريني نفسك
صاح الرجل قائلا
أنا أرجل منك
ووريني هتعمل إيه
بدأت المعركة بينهما وابتعد الذين يقفون للمشاهدة من حولهما
أتى رجال أمن الملهي من الخارج ليلحقوا بهما
أنت اللي جبته لنفسك
الفصل السابع عشر
يتجمع العمال حول يوسف الذي وصل للتو ما بين الترحاب وبين من يلقون عليه شكواهم من عدم أخذ رواتبهم منذ شهور نظير وعود شقيقه الواهية
نورت محلك يا أستاذ يوسف
قالها أحدهم فأجاب ترحيبهم الحار بنبرة مليئة بالأمل والتفاؤل
ده منور بيكم يا رجالة والمحل دا مش محلي ولا محل إخواتي دا محلنا كلنا هو وباقي السلسلة كل جدار
شاهد على تعب وشقى سنين اتبنى بعرقكم ومجهودكم مش عايزكم تقلقوا خالص أنا دفعت كل الضرايب بالغرامات اللي علينا كلها الحمد لله مش ناقص غير حاجة واحدة وهي إنكم تاخدوا رواتبكم المتأخرة وأنا بوعدكم هتاخدوها بعد ما أطلع على أساميكم واحد واحد ومين اللي اشتغل طول الشهر ومين
اللي غاب عشان كل واحد ياخد حقه بما يرضي الله اتفقنا
تعالت الهمهمات وصاح من بينها
ربنا يبارك لك يا أستاذ يوسف وإحنا معاك ومش محتاجة سؤال طبعا اتفقنا
ردد الآخرون أخر كلمة في صوت واحد فأومأ إليهم قائلا
تمام يا رجالة يلا كل واحد يروح على شغله وعايز اتنين يشيلوا اليافطة اللي برة ويعلقوا اليافطة القديمة
أجاب أحدهم أيضا وكان رجلا في منتصف العقد السابع
اعتبره حصل يا ابن الغاليين
دخل عم عرفة من مدخل المتجر مهللا
الله الله هو دا الشغل ولا بلاش نورت المحل يا ابن الغالي
تسلم يا عم عرفة ألا قولي طنط أم محمود عاملة إيه دلوقتي
تنهد عرفة ثم أجاب
الحمد لله عل كل حال بدأت جلسات الكيماوي ونسأل الله الشفا
بإذن الله ربنا يشفيها
قالها وأخذ ظرف من درج المكتب وضعه أمام العم عرفة الذي سأله
إيه دا يا بني
أخبره يوسف قائلا
أنا عارف مصاريف العلاج غالية والدنيا مزنقة معاك خد المبلغ دا و لو احتجت تاني أنا تحت أمرك أنا برضو زي محمود ابنك
لم يصدق حاله وشعر بالحرج
بس يا بني
قاطعه بإصرار
مفيش بس أنا لسه بقولك أنا زي ابنك وهو فيه أب بيتحرج من ابنه!
وقبل أن يرد عرفة بكلمة كان نداء وصياح السيدة راوية قد أفزع كليهما
إلحق أخوك يا يوسف ابني ضاع خلاص
وقف يوسف ثم ذهب إليها وسألها
فيه إيه يا ماما راوية استهدي بالله وقولي لينا حصل إيه
توقفت عن البكاء والعويل لتجيب على حيرته
قبضوا على أخوك جاسر في چريمة قتل
ردد يوسف پصدمة
قتل!
توقفت قبل أن تدلف إلى الداخل بعد أن وصل إلى سمعها صوت زوجها وهو يتحدث في الهاتف بصوت خاڤت أخبرها حدسها إنه يتحدث مع امرأة لكن عندما اقتربت كانت الصاعقة!
يضع الهاتف على أذنه ويتحدث
انت متأكد إنه دفع كل فلوس الضرايب
أجاب أحدهم
والله زي ما بقولك يا باشا وكمان هيقبض العمال أنا أطقست وعرفت إنه صاحب أو شريك في شركة مشهورة الناس بتشتري منها حاجات عن طريق الأنترنت
زفر بضيق وحنق فقال
هو الواد دا مش كنت خلصت منه إيه اللي رجعه تاني شكله مش هيجبها للبر وناوي على نهايته
انتبه إلى تكرار نداء الرجل لاسمه
يا حمزة بيه حمزة بيه
صاح بعد أن نفذ صبره
ما خلاص انت كمان ارجع شغلك عشان ماحدش يشك فيك ولو أي جديد حصل بلغني على طول
أمرك يا باشا
أنهى المكالمة وقام بالاتصال على الفور وقال
ألو يا عشماوي أنا حمزة الحلاج عايزك في مصلحة
أجاب الأخر بصوته المخيف
أؤمر يا بيه عايزني أقتلك مين المرة دي
أخبره بلا تردد وبقلب بارد
فيه واحد عايز أخلص منه هو وكل إخواته بأمهم
سأله بتعجب
ياه يا باشا للدرجة دي محروق منهم
أجاب حمزة بإصرار وحقد دفين
وأكتر وحياتك أنا هبعت لك كل التفاصيل عنه في رسالة هو اسمه يوسف يعقوب الراوي
لم تتحمل سماع أكثر من ذلك وقفت أمامه صاړخة
الله ېخرب بيتك انت عايز ټقتل أخويا!
رمقها زوجها بتحذير ثم قال للذي يتحدث معه
طيب اقفل انت دلوقتي يا عشماوي وهكلمك بعدين مع السلامة
أنهى المكالمة سريعا وفي غضون لحظات نهض وقبض على خصلاتها قائلا
انتي إيه اللي موقفك وبيخليكي تتصنتي علي يا بت
حدقت إليه بعدائية وأخبرته
إيه خۏفت عشان كشفت حقيقتك القڈرة انت عايز مننا إيه أنا
وإخواتي عمال ټأذي فينا ليه
ترك خصلاتها وأجاب
أيوة أنا بكرهكم من زمان وزمان قوي
كمان من وقت ما أبوكي أكل حق أمي وأبويا
أبويا اللي كان صاحبه وسابنا وفضل معلق أمي لا منها متجوزة ولا منها متطلقة نفسي أفهم انتم أحسن
مننا في إيه
تراجعت وهي تنظر نحوه بامتعاض غير مصدقة ما تسمعه
إيه دي كمية الغل والحقد والسواد اللي في قلبك دي يا أخي انت لا يمكن تكون حمزة اللي حبيته زمان دا أنت واحد مچرم وملهوش أمان عشان كدا أنا لازم أبعد عنك ولا هقدر أكمل معاك
لحق بها قبل أن تذهب يحذرها
رايحة فين يا حب انتي فكراني عبيط وهسيبك بعد ما سمعتي المكالمة! انتي مش هتشوفي الشارع تاني وقبل كل دا هتعملي اللي هقولك عليه دلوقتي
وأخذ مجموعة من الأوراق من فوق المائدة وأمسك بقلم فقال لها بأمر مشيرا نحو أسفل الورقة
اكتبي اسمك هنا ده توكيل عام عن كل أملاكك لما يجي الدور على جاسر وأخلص منه هو كمان
مش همضي واللي عندك أعمله
انتي اللي جيبتيه لنفسك
عليا الطلاق لو ما مضيتي هكون شاقك نصين
أتاه اتصالا فنظر إلى الرقم وقام برفض المكالمة فألتفت إليها قائلا
حظك إني ورايا مشوار هروح أخلصه على السريع وراجع لك واعملي حسابك من هنا و رايح مفيش خروج نهائي من الأخر هحبسك طول ما أنا مش موجود
و بالفعل خرج وقام بوصد باب الشقة من الخارج بالمفتاح أصابها حالة من الهلع لا سيما تعلم إنه سوف يتخلص من شقيقها ولم تستطع أن تتواصل معه لأن زوجها قد أخذ منها الهاتف حتى لا تخبر أحدا بما يحدث بينهما
أخذت تفكر في طريقة للخروج فذهبت إلى المطبخ وتناولت من درج أدوات